حسن معاشرة الزوج لزوجته بالمعروف


معاشرة الزوج لزوجته بالمعروف




 

أيها المسلم الكريم

كان أهل الجاهلية يظلمون النساء، ويؤذونهن بأنواع كثيرة من الإيذاء، فنهاهم الله تعالى عن هذا كله، وأمر الرجال وخصوصًا الأزواج بحسن معاشرة زوجاتهم، فقال: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19] [1].

 

قال ابن كثير (رحمه الله) في تفسيره لهذه الآية: أي: "طَيِّبُوا أَقْوَالكُمْ لَهُنَّ، وَحَسِّنُوا أَفْعَالكُمْ وَهَيْئَـاتكُمْ بِحَسَبِ قُـدْرَتكُمْ كَمَا تُحِبّ ذَلِكَ مِنْهَا، فَافْعَلْ أَنْتَ بِهَا مِثْله كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 228][2].


وقد ترجم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هذه الآية في واقع حياته، فكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم جميل العشرة، دائـم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهـم، ويضاحك نساءه، حتى أنه صلى الله عليه وسلم كان يسابق زوجته السيدة عائشة أم المؤمنين (رضى الله عنها) ويتودد إليها بذلك[3]، فهو صلى الله عليه وسلم القائل: ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي)) [4].

 

فالمعاشرة بالمعروف تكون بِحُسْن الخُلُق مع الزوجة، وكف الأذى عنها، بل واحتمال الأذى منها، والحِلْم عن طيشها وغضبها؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يُطَيِّب قلوب أزواجه بالمداعبة والمزاح والملاعبة، فهو القائل: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاء) [5].

 

وكان الصحابة رضي الله عنهم، من أفضل البشر بعد النبي صلى الله عليه وسلم، في معاملة زوجاتهم، فعن العِرباضِ بن سارية رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسـولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ يقـول: ((إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا سَقَى امْرَأَتَهُ مِنْ الْمَاءِ أُجِرَ))، فَأَتَيْتُهَا فَسَقَيْتُهَا، وَحَدَّثْتُهَا بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم [6].

 

قال يحيى بن عبدالرحمن الحنظلي: أتيت محمد ابن الحنفية فخرج إليَّ في مِلْحَفَةٍ حَمْرَاءَ وَلِحْيَتُهُ تَقْطُرُ مِنَ الْغَالِيَةِ ـ وهو نوع نفيس من الطيب ـ فقلت: ما هذا؟ قال: إن هذه المِلْحَفَةٍ ألقتها عليَّ امرأتي وَدَهَنَتْنِي بِالطِّيبِ، وَإِنَّهُنَّ يَشْتَهِينَ مِنَّا مَا نَشْتَهِيهِ مِنْهُنَّ [7].

 

فانظر إلى ابن الحنفيَّة (رحمه الله) كيف كان يعامل زوجتَه، ويتجمَّل لها، ويُبَيِّن أنَّ المرأة تشتهي من الرَّجُل ما يشتهيه الرَّجُل منها، فيعاملها كما يحبُّ أن تعاملَه هي، ولا يرَى في ذلك أيَّة غضاضة، وهو كقول ابن عبَّاس رضي الله عنه: "إنِّي أُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَة، كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي الْمَرْأَةُ"[8]، فالمرأة تُريد من الزوجِ كما يُريد الزوج منها في التجمُّل، والتزيُّن، وحُسْن الخلق، والمعاشرة بالمعروف.

 

فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، ويتجاوز عن أخطائها، وبعض هفواتها، فلا تخلو الحياة الزوجية من هفوات ومشاكل، يقول صلى الله عليه وسلم: (( لَا يَفْرَكْ - أي لا يبغض- مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ)) [9]، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر الزوج أن يلحظ في زوجته ما فيها من أخلاق جميلة يجعلها في مقابلة ما كره من أخلاقها؛ فإن الزوج إذا تأمل ما في زوجته من الأخلاق الجميلة، والمحاسن التي يحبها، ونظر إلى السبب الذي دعاه إلى التضجر منها وسوء عشرتها، رآه شيئًا واحدًا أو اثنين مثلًا، وما فيها مما يحب أكثر، فإذا كان منصفًا غض عن مساوئها اكرامًا لمحاسنها.

 

فترجم هذه الآية ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19] في واقع حياتك، وتخلق بأخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أهله، لتفوز بسعادة الدنيا والآخرة.

 

نسأل الله تعالى لنا ولكم الحفظ، والسلامة، والعافية من كل داء، وحسن الختام، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



رابط الموضوع

 https://www.alukah.net/social/0/154136/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B4%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%AC-%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%AC%D8%AA%D9%87-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%88%D9%81/#ixzz7mFBabBxh

إرسال تعليق

أحدث أقدم