الأسرة و ضرورة معرفة السيرة النبوية

 

الأسرة والسيرة النبوية




 

مما لا شك فيه أن "السيرة النبوية" هي النبراس الهادي والطريق المستقيم للبشرية جمعاء في سلوكهم وحركاتهم وسكناتهم، والأسرة هي ذلك الجزء من هذا المجتمع فهي بحاجة ماسة لمعرفة السيرة النبوية ليتم الاقتداء، ويزيد الاهتداء في خطى ثابتة تسير على ما سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، فمعرفة أولادنا للسيرة مطلب عظيم وكبير؛ ليقتدوا ويهتدوا، فإذا أردنا البناء الأسري ففي السيرة الشيء الكثير وإذا أردنا حل المشاكل فكذلك قد تسعفنا السيرة بقواعد عظيمة نعرف من خلالها خللنا وصوابنا وخطأنا، فسنقف مع الأسرة والسيرة النبوية ثنتي عشرة وقفة، أسأل الله تعالى أن ينفع بها قائلها ومستمعها.

 

الوقفة الأولى: من الضرورة بمكان أن تربط الأسرة بالسيرة النبوية علمًا وعملًا فهي المثال المحتذى لتلك الأسرة فتقتبس منها السير الصائبة في تصرفات هذه الأسرة وفي جميع عباداتها وعاداتها وتكون مرجعًا أيضا عند الخلاف وحكَمًا عند الشجار، فكم هو جميل أن الأسرة إذا اختلفت رجعت للسيرةِ، وقد لا يكون هذا متيسرًا إلا بعد ربط الأسرة بالسيرة.

 

الوقفة الثانية: من الناحية الثقافية هل يعلم أبناؤنا من السيرة ما ينبغي أن يعلموه؟ فاسأل أولادك بعض الأسئلة عن السيرة لتعلم مدى تحقق ذلك في أفكارهم، فاسألهم عن نسب النبي صلى الله عليه وسلم ومولده ووفاته، واسألهم عن العشرة المبشرين بالجنة واسألهم عن خلافة الخلفاء الراشدين وعن تواريخ معارك الإسلام وغزواته وعن مشروعية الصلاة والصيام ونحو ذلك، فقد تجد جوابًا وقد لا تجد وهذا يعني أننا مضطرون لطرح السيرة على أولادنا ليعلموا تفاصيلها ويدركوا مكنوناتها وليقتدوا ويهتدوا.

 

الوقفة الثالثة: ضع لك مشروعًا في القراءة عن السيرة واجعل أولادك يشاركونك في تلك القراءة مبتدئًا أنت وإياهم بصغار الكتب ثم شيئًا فشيئًا فاجعل لهم كتيبًا اسمه كتاب الأسبوع فسيقرأون كل أسبوع ولو كتيبًا صغيرًا عن السيرة ثم تتسع الدائرة إلى ما هو أكبر منه وهكذا فإذا اجتمعت هذه القراءة مع المناقشة الودية خلال جلسة الأسرة الدورية نتج لدينا خير عظيم.

 

الوقفة الرابعة: إن كثيرًا من السلوكيات المتدنية والخاطئة يمكن علاجها من خلال السيرة فيعالج الكذب والغش والعقوق والقطيعة وسيئ الألفاظ وغير ذلك من السلبيات وذلك بذكر مواقف الأسرة من السيرة يعالج ذلك الخلل في الأسرة فالاعتماد على السيرة في تعديل السلوك مطلب كبير في التعديل والتثقيف والسيرة أيضا مما أجمع الناس على قبولها.

 

الوقفة الخامسة: معرفة الأحكام الشرعية للأسرة رجالًا ونساء من خلال السيرة، فالعمل لا يكون صالحًا إلا إذا توفر فيه شرطان: الإخلاص لله تعالى، والمتابعة للنبي عليه الصلاة والسلام. فالشرط الثاني مصدره السيرة وفقه السيرة، فهل عرف أولادنا كيف يصلون وكيف يصومون وكيف يفعلون الخير وفق ما ورد في السيرة النبوية؟ إن هذا يحتاج إلى وقفة جادة من الوالدين الكريمين لأولادهم ليكون سياجًا لهم عن الخطأ في العمل أو بطلانه.

 

الوقفة السادسة: ضع لأولادك مسابقة في معلومات عن السيرة فلو وضعت في كل أسبوع سؤالين فستكون خلال السنة طرحت قرابة المائة سؤال وهي كفيلة أن تفيد الأولاد بمجمل عن السيرة النبوية وضع لهم الحوافز والجوائز، وهي مخلوفة عليك إن شاء الله تعالى، وعملك هذا من طلب العلم ونشر العلم لكم جميعًا.

 

الوقفة السابعة: التعليم للنساء والتعويد للصغار يؤخذ من السيرة النبوية، فقد علم النبي صلى الله عليه وسلم نساءه دين الله وأحكامه خصوصًا الأحكام الخاصة في بيت النبوة فتعلمن رضي الله عنهنَّ وعلمن الآخرين سواء في الأحكام أو في الفضائل، فكم هو جميل أن يعلم الأب زوجته وبناته ويوصيهن بتعليم الآخرين، ولذلك يقول أحدهم: صليت الوتر في البيت فقالت زوجتي ماتلك الصلاة؟ فقلت هي صلاة الوتر فقالت وما هو الوتر؟ فشرحته لها ومثل هذا كثير عند التنقيب وكذلك تعويد الصغار كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعود الحسن والحسين لتحصينهما.

 

الوقفة الثامنة: فضائل وأعمال عرفناها من السيرة النبوية، ففي حديث أم حبيبة رضي الله عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من صلى لله ثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير الفريضة بنى الله له بيتًا في الجنة» رواه البخاري، وفي حديث جويريه رضي الله عنها في الكلمات الأربع الفاضلة الجامعة بعد صلاة الصبح وهي: «سبحانَ اللهِ وبحمدِه عددَ خلقِه ورضا نفسِه وزنةَ عرشِه ومدادَ كلماتِه ثلاثَ مرَّاتٍ» رواه مسلم ففيها أجر عظيم وثواب جزيل. وعندما علَّم فاطمة ابنته وزوجَها أن يسبحا عند النوم ثلاثًا وثلاثين ويحمدا ثلاثًا وثلاثين ويكبرا أربعًا وثلاثين وأن هذا خيرٌ لهما من خادم. رواه البخاري ومسلم. وغير ذلك من الفضائل التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه وبناته، فلنكن كذلك مع نسائنا وبناتنا.

 

الوقفة التاسعة: من الممكن أن نحفظ أولادنا الأذكار النبوية الثابتة من خلال يومهم وليلتهم فلا يتحركون إلا بذكر فسيكون ذلك كسبًا في الأجور وتحصينًا من الشرور بإذن الله تعالى، وللوالدين مثل أجور تلك الذرية، فيا أيها الوالدان الكريمان حفظوا أولادكم تلك الأذكار لتكن صدقة جارية لكم كلما عملوا بها ودلوا عليها غيرهم فكم من الصغار من يقول في حال كبره تعلمت كذا وكذا من الفضائل على يد فلان فيا بشراه بالأجر العظيم، ومن هذه الأذكار أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم والدخول والخروج وأذكار الركوب والأكل والشرب ونحو ذلك.

 

الوقفة العاشرة: اجعل لأولادك نصيبًا منك حول قصص السيرة الهادفة مع استخراجهم هم للدروس والعبر من هذه القصة فهي أسلوب تعليمي وتوجيهي كبير وعظيم حيث إن الصغار تستهويهم القصص ولو كانت قصيرة ليقوى إيمانهم وليدركوا معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وقبل ذلك يدركوا قدرة الله تبارك وتعالى، فالتربية بالقصة مسلك قويم لتعديل السلوك وتقوية الإيمان.

 

الوقفة الحادية عشرة: ضع لهم جلسة أو جلسات مع الشمائل المحمدية والصفات النبوية ومرهم أن يعملوا بها ليتطبعوا تلك السيرة النبوية العطرة للنبي عليه الصلاة والسلام واجعلهم يحفظون تلك الشمائل مستثمرا في تحقيق ذلك الجلسات الأسرية ووسائل التواصل.

 

الوقفة الثانية عشرة: من خلال الوقفات السابقة سيكون انعكاس إيجابي على تصرفات الأسرة فيما بينها ومع الآخرين فهم يجعلون تلك السيرة والشمائل حاضرة في أذهانهم وشاملة لتصرفاتهم وأيضا من خلال الجلسات الأسرية يتذكرون تلك المعاني فهذا العمل هو مشروع حياة لك ولهم بحيث يكونوا إيجابيين مع أنفسهم ومع غيرهم.

 

أصلح الله تعالى لنا نياتنا وذرياتنا وأعمالنا وقلوبنا وأقوالنا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



رابط الموضوع 

إرسال تعليق

أحدث أقدم