حكم النكاح

 

حكم النكاح



الأصلُ في النِّكاحِ أنَّه مُستحَبٌّ، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحَنَفيَّةِ، والمالِكيَّةِ، والشافعية، والحَنابِلةِ، وبه قال أكثر أهل العلم 

الأدِلَّةُ:

أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ

قَولُه تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء: 3] 

وَجهُ الدَّلالةِ:

أنَّه علَّق النِّكاحَ بطِيبِ النَّفسِ، ولو كان واجِبًا لَزِمَ بكُلِّ حالٍ، والواجِبُ لا يَقِفُ على الاستِطابةِ؛ فدَلَّ ذلك على أنَّ الأمرَ للنَّدبِ

قَولُه تعالى في الآيةِ: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ  [النساء: 3] 

وَجهُ الدَّلالةِ:

 أنَّ اللهَ تعالى خيَّر في الآيةِ بين النِّكاحِ ومِلكِ اليَمينِ، والتَّسَرُّرُ غيرُ واجبٍ باتِّفاقٍ، فلو كان النِّكاحُ واجِبًا ما صَحَّ التَّخييرُ بينه وبين مِلكِ اليَمينِ؛ إذ لا يَصِحُّ التَّخييرُ بين واجبٍ وما ليس بواجبٍ

ثانيًا: مِنَ السُّنَّة

1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((جاء ثلاثةُ رَهطٍ إلى بُيوتِ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يَسألونَ عن عِبادةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا أُخبِروا كأنَّهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ قد غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذَنبِه وما تأخَّر، قال أحَدُهم: أمَّا أنا فإنِّي أُصلِّي اللَّيلَ أبدًا، وقال آخَرُ: أنا أصومُ الدَّهرَ ولا أُفطِرُ، وقال آخَرُ: أنا أعتَزِلُ النِّساءَ فلا أتزوَّجُ أبدًا، فجاء رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليهم، فقال: أنتم الذين قلتُم كذا وكذا، أمَا واللهِ إنِّي لأَخشاكم لله وأتقاكم له، لكنِّي أصومُ وأُفطِرُ، وأُصلِّي وأرقُدُ، وأتزوَّجُ النِّساءَ، فمن رَغِبَ عن سُنَّتي فليس مني  ))

وَجهُ الدَّلالةِ:

قَولُه: ((وأتزوَّجُ النِّساءَ)) فيه دَليلٌ على السُّنيَّةِ بالاقتداءِ بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لِرَدِّه على من أراد مِن أمَّتِه التَّخلِّيَ للعبادةِ

2- عن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: قال رَسولُ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا معشرَ الشَّبابِ، مَن استطاع الباءةَ فلْيتزوَّجْ؛ فإنَّه أغَضُّ للبَصَرِ وأحصَنُ للفَرجِ، ومن لم يَستَطِعْ فعليه بالصَّومِ؛ فإنَّه له وِجاءٌ  ))

وَجهُ الدَّلالةِ:

قَولُه: ((فليتزوَّجْ)) الأمرُ فيه للنَّدبِ، وصَرَفَه عن الوجوبِ قولُه تعالى:  فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ؛ إذ الواجِبُ لا يُعَلَّقُ بالاستطابةِ، ولإجماعِ العُلَماءِ على أنَّ مَن صبَرَ ولم يقتَحِمْ مُحرَّمًا، أنَّه غَيرُ مُرتكِبٍ الإثمَ


إرسال تعليق

أحدث أقدم